أنشر المقال

جامع الكتبية بمراكش

يسمى أيضا جامع #الكتبيين، ويعود أصل الاسم إلى مهنة الكَتَبة وهم الخطاطون الذين اشتغلوا وعملوا بجواره، أو إلى باعة الكتب الذين كانوا يروجون بضاعتهم بجانب الجامع. يقول الوزان في "وصف إفريقيا" : [... وكان تحت رواقه قديما نحو مائة دكان للكتبيين لم يبق منها اليوم و لو دكان واحد]

يقول صاحب "الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية" : [فبنى عبد المومن الموحدي بدار الحجر مسجدا آخر (وهو مسجد بني قبل جامع الكتبية)، جمع فيه الجمعة، وشرع في بناء المسجد الجامع (أي جامع الكتبية)، وهدم الجامع الذي كان أسفل المدينة الذي بناه علي بن يوسف (أي جامع ابن يوسف) ... ]

فخرب عبد المومن كل من جامع ابن يوسف والمسجد الذي بناه يوسف بن تاشفين أول ما اختط مراكش مع جيشه لأنه لا يرى الصلاة فيهما. والذي حمله على ذلك وصية المهدي بن تومرت الذي وصاهم بتطهير المدينة حيث قال : [لا تدخلوها - أي مراكش - حتى تطهروها] فأولها الفقهاء الموحدون بهدم المساجد لفساد القبلة كما زعموا

ويذكر صاحب الاستبصار : [ أن عبد المومن الموحدي حوّل الجزء الباقي من قصر الحجر إلى مسجد ثاني ورفع بين هذا المسجد و جامع الكتبية المنار العظيم، الذي لم يُشيد في الإسلام مثله. ثم أكمله ابنه يوسف بن عبد المومن]

وقد بني هذا الجامع العظيم في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة من الهجرة. و يضيف الوزان : [وقد وسعه بعد ذلك السلطان يعقوب المنصور حفيد عبد المومن، وزاد فيه خمسين ذراعا في كل جبهة، وزينه بعدة أعمدة جلبها من إسبانيا، و بنى تحته خزان ماء بأقواس على مساحة الجامع، وأمر بأن يغطى الجامع بسقف من الرصاص تحيط به قنوات ضيقة بحيث تصرف جميع المياه الساقطة عليه إلى الخزان]. والذي سهر على بنائه هو الأحوص المالقي 

ويعتبر جامع الكتبية من أهم جوامع المغرب. فهو ذو أبعاد استثنائية، إذ يشغل مساحة 5300 متر مربع وفيه 17 جناحًا و11 قبة مزدانة بالنقوش. فيه أعلنت قرارات السلاطين المهيبة وبه جرت كبريات الأحداث. إن الجامع ومئذنته المزخرفة في أجزائها العليا بإفريز خزفي مطلي بلون الفيروز أصبحا رمزًا للمدينة

أما بالنسبة لمنبر الكتبية الجليل، فقد صنع في قرطبة في بداية القرن الثاني عشر بطلب من الأمير المرابطي علي بن يوسف بن تاشفين من أجل الجامع الذي انتهى من بنائه في مراكش. ثم نقل المنبر إلى الكتبية نحو سنة 1150م، وهو مزوّد بنظام آلي للحركة يعتبر من روائع فن النجارة الإسلامية

جاء في "مساجد مراكش عبر التاريخ" لأحمد متفكر أن السلطان عبد المؤمن الموحدي لما أكمل بناء الجامع نقل إليه منبرا عظيما كان قد صُنع بالأندلس في غاية الإتقان، قطعاته عود صندل أحمر وأصفر، وصفائحه من الذهب والفضة، و وُجد مكتوبا على الخشب بالحفر: [صنع هذا المنبر بمدينة قرطبة حرسها الله لهذا الجامع المكرم أدام الله مدته بكلمة الإسلام فتم ... اللهم أيد ... بن تاشفين ثم ولي عهده]

وتحدث عن هذا المنبر ابن مرزوق في مسنده، فأشار إلى ما أكده أهل الفن من جودة وإتقان ترصيع منبري جامع قرطبة ومسجد الكتبية

طوله 3.46 م، وعرضه 0.87م، وعلوه 3.86م. به 9 درج. والذي تولى صنعه والمقصورةَ المهندس الحاج يعيش المالقي. وهو ما يزال قائما إلى الآن ولقد تم نقله إلى أحد أروقة القصر البديع

كانت المقصورة التي يجلس بها السلطان ذات تراكيب هندسية عجيبة تسع نحو ألف شخص حسب أقوال المؤرخين تتحرك بشكل عجيب، وضعت على حركات هندسية في منتهى الدقة والإتقان، تُرفع بها لخروجه وتُخفض لدخوله في شكل لافت لأنظار الحاضرين

أما بخصوص مئذنة الجامع الشامخة، فعرضها 12مترا وطولها يناهز 67مترا. تختلف زخارفها من وجه إلى آخر، كما تختلف النوافذ والفتحات التي جُعلت لتُنير السلم الداخلي، وقد ازدانت بعقود متنوعة تشهد بعبقرية الزخرفة والبناء في عهد الدولة الموحدية الأندلسية. وفي داخل المنارة سبع غرف واسعة في غاية الجمال، تغطيها قباب مخروطية منقوشة بنقوش بديعة

وللجامع 8 أبواب على شكل أبواب تنمل. 4 شرقا وهي الأكثر استعمالا، و4 غربا تعلوها تيجان متنوعة غنية بالزخارف النباتية

بهذا الجامع بويع السلطان محمد بن عبد الله العلوي في ربيع الأول 1171ه/نونبر 1757م كما جاء في "البستان الظريف". ويقول المؤرخ الرحالة الرباطي محمد الضعيف في كتابه "تاريخ الدولة السعيدة" : بويع إمامنا في جامع الكتبيين بحمراء مراكش وهو واقف في ظل شجرة نبتت في صحن الجامع المذكور من أشجار اللرنج بمحضر الأشراف

التعليقات

جميل جدا

مقال جمييل كالعادة يب زكرياء ، المرجو تخصيص مقالة حول كيفية بناء هذه الصومعة الشاهقة آنذاك ؟ حيث هناك أقوال متضاربة حول الموضوع، و جزيت خير الجزاء أخي ❤️????????

جزاكم الله خيرا

ماشاء الله تبارك الرحمان معلومات قيمة اصبحنا نعرف تاريخ حضارتنا من خلالك... شكرا لك

rouh0p

أترك تعليقا









أنشر المقال

إذا لديك سؤال، استفسار أو مشاركة فأرسل لنا رسالة