أنشر المقال

سبعة رجال : أسرار وحقائق

هذه المراكشية وما يأتي بعدها، أخصّصها، إن شاء الله، لذكر مناقب السادات سبعة رجال الذين ذاع صيتهم في الأمصار وانتشر خبرهم في الآفاق، حتى صارت مراكش تعرف بمدينة سبعة رجال. فكان الناس يتشوفون لزيارتهم والتبرك بهم، كما دأب عليه علماؤنا وعموم الناس منذ عصور، وجرت عليه عادة المحبين من كل الأقطار في هذه المراكشية أذكر لكم السبب في التسمية وتخصيصهم بالزيارة وكذا السر في ترتيب زيارتهم على الوجه المعروف من كونها تبدأ بسيدي أبي يعقوب يوسف بن علي وتنتهي بأبي القاسم السهيلي أما سبب تسمية سبعة رجال بهذا الاسم فهو - والله تعالى أعلم - تخصيصهم بهذه الزيارة التي خصوا بها دون غيرهم عند الخاص والعام، بهذا الترتيب الذي لم يعهد في غيرهم، لأنهم كانوا كالأطواد والأركان في البلد، واحدا بعد واحد، من زيارة هذا يليه هذا، بلا قهقرى ولا رجوع، كأنهم في شوط واحد وقد ذكر الإمام العلامة محمد الصغير الإفراني المراكشي مؤرخ مراكش وعالمها، أن سببَ ذلك وقعة جبل الحديد الواقعة في حدود 1050ه / 1640م بين محمد الشيخ بن زيدان والشياظمة، فمن ذلك الوقت أقبل السلطان على زيارتهم والتبرك بهم، فشاع أمرهم في الناس، ولم يزل أمرهم في ظهور إلى أن قدم مراكش الشيخ الإمام علم الأعلام أبو علي سيدي الحسن اليوسي بن مسعود رحمه الله في رأس المائة حين هجره سلطان المغرب آنذاك وأخرجه من بلاده بقصد سكنى مراكش. فكان شديد الاعتناء بزيارة الرجال السبعة، كثير التحضيض عليها فزادهم ذلك اشتهارا وإقبالا إلى زمان الناس هذا وأما تحديد حصر العدد في سبعة رجال، فَلِوجود خاصية خفية في ذلك العدد الرباني المجمع على تفضيله في نفسه وتفضيل ما يطلق عليه أو تكبيره ولفت النظر إليه بوجه من الوجوه. وقد قال ابن القيم رحمه الله: إن خاصية السبع لها قدر وشرف شرعا، ويرى البعض أن المقصود بالسبع هنا إشارة إلى تكثير مقامات الرجال السبعة، وتفخيمها في النفوس والإقبال على زيارتهم دون الاقتصار عليهم. وقد ذكر العلامة القاضي العباس بن إبراهيم التعارجي مؤرخ مراكش هذا المعنى في كتاب: «إظهار الكمال» من أن أهل مراكش يطلقون على جميع أولياء مراكش سبعة رجال من باب إطلاق البعض وإرادة الكل، وفي نفس الوقت يطلقونها على خصوص السبعة وهذا الإمام اليوسي رحمه الله كان من الذين سنوا الطريقة المتبعة إلى اليوم في زيارة سبعة رجال بالترتيب المعلوم حين أقام بمراكش عند نهاية القرن الحادي عشر. وله أبيات في ذلك، وواضح أن هذا الترتيب لم يراعَ فيه اعتبار زماني، فلو كان كذلك لكان القاضي عياض في الابتداء وإنما جعلوا الانطلاقة من سيدي أبي يعقوب يوسف بن علي لأنه يمني، فذكر سيدي محمد الصغير الإفراني في كتابه "درر الحجال في سبعة رجال" بعد كلام ما نصه [... أن الناس اصطلحوا على جعل أبي يعقوب أول الرجال السبعة لأنه كما سمعت يمني من أهل اليمن، وهم الذين ابتكروا نصرة الإسلام، وأول من تلقى راية الدين باليمين، وفيهم الأنصار، وفيهم قال مولانا سبحانه: "والذين تبوؤوا الدار والإيمان". وقال سيدي رسول الله: الإيمان يمان والحكمة يمانية. فكأن الواضع استشعر هذا المعنى فناسب أن يبدأ به الزيارة] وقد أشار إلى هذا الترتيب المؤرخ العباس التعارجي وعلل ذلك من جهة أخرى من اعتبار حال الزائر لا المزور بحيث أن الزائر في خط شبه مستدير لا يضطر إلى الرجوع القهقرى وهذا معقول جدا وهذا هو الترتيب المتبع في زيارة السادات سبعة رجال رضي الله عنهم وأرضاهم، وتجمعهم قواسم مشتركة، منها زهدهم في الدنيا وجنوحهم للتصوف، وتزكيتهم للنفوس، وسعيهم لأعمال الخير، ونشرهم للعلم، وانكبابهم على التأليف في الحديث والفقه والسيرة واللغة سيدي يوسف بن علي المدفون قرب مقبرة باب أغمات والمتوفى 593 هـ ثم القاضي عياض المدفون قرب باب أيلان والمتوفى 544 هـ ثم أبو العباس السبتي المدفون داخل باب تاغزوت والمتوفى 601 هـ ثم سيدي ابن سليمان الجزولي المدفون برياض العروس والمتوفى 870 هـ ثم سيدي عبد العزيز التباع المدفون قرب جامع ابن يوسف والمتوفى 914 هـ ثم مولاي عبد الله الغزواني المدفون بحومة القصور والمتوفى 935 هـ ثم الإمام السهيلي المدفون خارج باب الرب والمتوفى 583 هـ

التعليقات

تبارك الله، شكرا على هذه المبادرة النيرة للتعريف بمراكش الحمراء ورجالاتها. واصل ✌✌

v1zc6f

t7z3vn

8j8fzn

أترك تعليقا









أنشر المقال

إذا لديك سؤال، استفسار أو مشاركة فأرسل لنا رسالة